الكتب المترجمة

رسالة في إصلاح العقل – رسالة موجزة


  • ترجمة: جلال الدّين سعيد
  • الرقم التسلسلي: 978-614-8030-28-4
  • سنة الإصدار: 2017
  • السعر بالدولار: 12


«إن الغاية التي أرمي إليها هي أن أكتسب هذه الطبيعة، وأن أبذل قصارى جهدي كيما يكتسبها معي الكثيرون؛ لأنّ نصيباً من سعادتي يتمثل في السّعي من أجل أن يدرك الآخرون ما أدركه بوضوح، بحيث يتّفق فهمهم، وتتّفق رغباتهم اتّفاقاً تامّاً مع فهمي الخاص، ورغباتي الشخصيّة. ويقتضي بلوغ هذه الغاية معرفة الطبيعة بما يكفي لاكتساب ما نصبو إليه من كمال طبيعتنا؛ وينبغي، في مرحلة ثانية، أن نكوّن مجتمعاً يكون على نحو ما نرغب فيه، بحيث يتسنّى لأكبر عدد ممكن من الأشخاص بلوغ الهدف المنشود بأيسر الطرق الممكنة، وأسلمها. ولا بدّ أن نعكف بعد ذلك على فلسفة الأخلاق، وعلم التربية، فضلاً عن علم الطب (…) وعلم الميكانيكا(…). إلاّ أنّه لا بدّ قبل كلّ شيء من التفكير في وسيلة لشفاء العقل، وتطهيره قدر الإمكان؛ حتى يوفّق في إدراك الأمور على أحسن وجه (…) إنني أريد توجيه جميع العلوم نحو غاية واحدة… هي بلوغ ذلك الكمال الإنساني الأعظم الذي تحدثت عنه (…). لكن، في أثناء انشغالنا بها، وسهرنا على إبقاء العقل في الطريق السويّ، لا بدّ لنا أن نعيش، ولا بدّ بالتالي أن نضع عدداً من القواعد للسلوك … هي: 1- أن يكون كلامنا في مستوى عامّة النّاس، وأن نسلك سلوكاً يروق لهم، ولا يمنعنا من بلوغ هدفنا؛ فنحن قد نجني من ذلك الكثير، بشرط أن ننزل عند رغباتهم قدر الإمكان؛ هذا فضلاً عن أنّنا سنجد بهذه الطريقة آذاناً صاغية للحقيقة. 2- أن نتمتّع بملذات الدّنيا في حدود ما يُساعد على حفظ الصحّة. 3- ألاّ نرغب في المال، ولا في أيّ خير مادّي آخر؛ إلاّ بقدر ما يفيدنا في حفظ حياتنا وصحّتنا، وفي الامتثال لطبائع المجتمع التي لا تناقض هدفنا».

باروخ سبينوزا

ولد الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا في أمستردام سنة 1632، اطّلع على التلمود والتوراة والفلسفة اليهوديّة للعصر الوسيط، شكّ في الدين ولم تثمر محاولة زعماء طائفته في استقطابه، فطرد وأقصي عن المدينة سنة 1656. فأقام عند أحد أصدقائه بإحدى ضواحي لاهاي وامتهن صقل زجاج النظارات لكسب لقمة عيشه. رفض سنة 1672عرضا تمثّل في منصب جامعيّ بجامعة هيدلبرغ خشية أن يقيّده العمل في التعليم ويقلّص من هامش حرّيّته، وانصرف يتجوّل في أرجاء هولندا متأمّلا منشغلا بالكتابة ومهتمّا بالفلسفة التي وقف حياته عليها إلى أن لقّب بـ"القدّيس المدني"، فكثر المعجبون به وبأفكاره، وتشكّلت حوله حلقة من أتباعه. "وكان سبينوزا قد قرأ منذ ذلك الحين ديكارت. بيد أنّ مصدر القوت الرئيس الذي تغذّى منه فكره كان، فيما يبدو، النصوص العبريّة، وكتابات جرسونيدس الذي كان ينتقد المعجزات والنبوءات ويقدّم سلفا العقل على الوحي، وكتابات ابن عزرا الذي كان يعتقد بخلود المادّة وينكر الخلق من عدم، وكتابات المتصوّفة اليهود الذين علّموا أنّ المادّة حيّة، وكتابات كرسكاس الذي كان يعزو إلى الله الامتداد، ويلغي من الكون العلل الغائيّة" (طرابيشي، 2006، 359). ويرى سبينوزا أنّ غرض الدين يقتصر على الدعوة إلى المبادئ الأخلاقيّة السامية، وليس من دوره فهم الأشياء، لهذا أكّد أنّه لا ينبغي له ولا للدولة أيضا المساس بحرّيّة الفكر. ومن هنا اعتباره الحكومة الديمقراطيّة أرقى أشكال السلطة؛ ففيها يقع الحدّ من قدرة الدولة على كلّ شيء بالحرّيّة. كانت كتاباته كلّها باللغة اللاتينيّة، ومنها نذكر: رسالة في مبادئ فلسفة ديكارت (1660)، الرسالة الموجزة في الله والإنسان وسعادته (1660)، رسالة في إصلاح العقل، الرسالة اللاهوتيّة والسياسيّة (1670) وقد نشرت دون أن تحمل اسمه، كتاب الأخلاق الذي نشر إثر وفاته وكذلك رسالة مبتورة سمّاها "الرسالة السياسيّة" ولم يتمكّن من إنهائها. وقد صنّفت كتاباته ضمن الكتب المحرّمة لا في أوساط الحاخامات، وإنّما أيضا في أوساط القساوسة الكالفنيين، ومع ذلك لم ينقطع عن فعل الكتابة والتأّمّل. توفّي سبينوزا سنة 1677 في لاهاي بعد مرض وراثي أصابه.
زر الذهاب إلى الأعلى