استراتيجيات التأويل وأصول العنف الديني في الفكر الإسلامي المعاصر
تزعم الجماعات الجهادية أنها يد الله في الأرض، وأنها تنطلق من القرآن وتعاليمه، وأن أفعالها أومرٌ إلهيةٌ غير قابلةٍ للنقاش الإنساني، وأنها في حالة تماهٍ تامّةٍ مع الله. ويسعى هذا الكتاب، في شقه الأول، إلى تفنيد حالة التماهي المزعومة هذه، ووضعها على طاولة النقاش، وطرح التساؤلات حولها، وحول ما إذا كان القرآن، بوصفه بنيةً نصّيةً، أكثر قدرة على تحريك السلوك الإنساني من الواقع الذي يعيش فيه ويحدد أهدافه وآماله؟ وإذا لم يكن للقرآن القدرة على تحريك السلوك الإنساني؛ فهل يعد بذلك أحد الأدوات الاستهلاكية التي تستخدمها الجماعات الجهادية للوصول إلى أهدافها؟
ويُخضع الكتاب في شقه الثاني الاستراتيجيات التأويلية المعاصرة للدراسة من خلال مناقشة أربعة مشاريع لمفكرين معاصرين (محمد أركون، نصر حامد أبو زيد، علي مبروك، عبد الجواد ياسين). وتراهن هذه المشاريع على التأويل، بالمعنى الحديث، بوصفه أحد أدوات فك حالة التماهي مع الله، التي تفرضها الجماعات الجهادية؛ لأن التأويل يعد إثباتًا لبشرية القراءات المقدمة للنص القرآني، وخضوعها للقبول والرفض البشريين، وسلب الحق من أيّ قراءةٍ تزعم التطابق مع المقصد الإلهي. فهل تفادت هذه الاستراتيجية التأويلية ما وقعت فيه نظيراتها من أخطاء؟ وهل كان بإمكانها تقديم استراتيجية شافية تمكّن القرآن من الحضور الحي في زمانها، ويُقدم للجماعة المسلمة شروط تقدمها، وانفتاحها على كل ممكنات العيش؟ وباختصار، هل نجحت هذه الاستراتيجيات في الوصول إلى هدفها المتمثِّل في سحب النص وقدسيته من الجماعات الجهادية؟