الدين والتدين
- الرقم التسلسلي: 978-9953-68-639-4
- سنة الإصدار: 2014
- السعر بالدولار: 12
يقدم الدين ذاته كحقيقة مطلقة قادمة من خارج الاجتماع، غير قابلة للتغيّ، في حين يشير تاريخ الأديان التوحيديّة إلى ارتباط وثيق بين الدين والاجتماع.
النموذج الأوضح هو التشريع الذي يدخل في صلب البنية الدينية. لكن هل يمكن للقانون الذي يعالج معطيات نسبيّة ومتغيّرة، أن يكون جزءاً من الدين كـ “حقيقة مطلقة”؟
إن النص الديني “الصحيح” يتضمّن ما هو مطلق ثابت يمكن وصفه بأنه من “الدين في ذاته”، وما هو اجتماعي قابل للتغيّر، ولا يجوز إلحاقه بالدين في ذاته.
الإيمان بالله والأخلاق الكليّة، وحدهما، المطلق في الدين. أما التشريع، فمرتبط بالتاريخ. وعلى امتداد هذا التاريخ، تراكمت حول النص منظومات من الرؤى والمفاهيم والأحكام، مكوِّنةَ ثقافة دينية أوسع من منطوق البنية الدينية التي يحملها النص. وصارت مفردات من هذه الثقافة التي أفرزها التديّن جزءاً من “الدين في ذاته”؛ أعني البنية الدينية ذات الطبيعة المطلقة، ومن خلالها تسربت إلى الدين عقائد وتكاليف ذات أصول ودوافع سياسية واقتصادية، فضلاً عن نزوعات الغرائز البدائية التي تدفع إلى الكراهية والقتل. على مستوى الديانات الثلاث، وفي كثير من الحالات، كان هذا التسرّب يتّخذ شكل النص؛ أي الوحي المنحول على اللهعمداً أو على سبيل الخلط الناجم عن تداخل المفاهيم.
هكذا أدّى التديّن إلى تضخيم الدين، إذ صار ما هو اجتماعي أكبر مما هو مطلق في منطوق البنية الدينية التي تعمّم على مكوناتها، تلقائيّاً، صفة القداسة المؤبّدة.