مقاربات وإضاءات تحت مجهر الفلسفة الوجودية
يتسم عصرنا الراهن باللايقين وانعدام المعنى، فالعالم يتلاشى من حولنا والوجود يختفي ما إن نمسك به.
يأتي كتاب الكينونة والمعنى بمثابة إحياء للفلسفة للوجودية وانبعاث متجدد لها من خلال أفكار أهم أعلامها البارزين والمؤثرين في تاريخ الفلسفة والإنسانية برمتها. وعليه جاء البحث الفلسفي مترافقاً مع الإضاءات السيكولوجية والومضات الروحية لبعض الفلاسفة الوجوديين.
إن أزمة الفلسفة الحقيقية هي أزمة الوجود الإنساني على هذه الأرض، فغياب الإنسان يعني غياب العالم، ومن هنا يمكننا القول إنَ الفلسفة الوجودية هي فطرة الوعي البشري منذ أن وجد إنسان الحضارات الأولى، ومنذ أن اخترع البشر الكتابة، فالألم والحزن والاغتراب والغياب والفقدان، ليست مجرد مفاهيم مجردة، وإنما حالات وجودية ثابتة في النفس البشرية لها فاعليتها وتأثيرها في العالم الموضوعي وفي الحدث الزماني، وقد رافقت الإنسان في الماضي، وما زالت ترافقه في الحاضر، وستبقى مستمرة معه في المستقبل. فمهما تخلخلت وتغيرت المعاني والحقائق تبقى هذه الحالات الوجودية التي ذكرناها هي الأكثر قدرة على الثبات والرسوخ في الكينونة وعلاقتها مع الزمان من حيث هي صراع وبحث دؤوب عن المعنى. وهذا المعنى لا ينبثق إلا من فجوة يتركها العدم في فراغ الوجود، أو من أثر يخلّفه الغياب إلى الأبد.