توام التاريخ الغائب لمدينة العين
توام الاسم التاريخي لمدينة العين، وهي المدينة الوحيدة في المنطقة التي سجلتها اليونسكو رسمياً مركز استقرار حضري يمتد لأربعة آلاف عام، حيث ولد مجتمع الإمارات الأول؛ فعلى أرض العين جرت أهم الأحداث التاريخية التي غيرت وجه المنطقة، وأسست لثقافة التسامح والتنمية، ووفرت الظروف الملائمة لقيام حضارة الإمارات العربية المتحدة عاصمة للتسامح والمحبة.
ولعل أهم ما يميّز وصول الإسلام إلى هذه الأرض الطيبة، هو أنه قد تم من دون إراقة قطرة دم واحدة؛ فقد كانت البداية وفادات سلمية من توام ونزوى وصحار ودبا، واكتملت بكتاب النبي الكريم إلى حاكم توام جيفر بن الجلندى، وحاكم صحار عباد بن الجلندى، ومع أن الوفد لم يكن فيه أي قوة عسكرية، وقد اقتصر على عمرو بن العاص وأبي زيد الخزرجي، فإن الحوار المبين والحكمة حقق تحول هذا الشعب المسالم إلى نور الإيمان.
أما المزية الثانية لهذه الأحداث، فهي البعد التحرري الذي حملته الرسالة النبوية؛ فقد كانت رسالة النبوة واضحة نحو تحقيق وحدة العرب وتخليص بلادهم من الاستعمار والاحتلال، وبالفعل فقد كانت الرسالة واضحة بوجوب إخراج الفرس من الموانئ التي سيطروا عليها، وكان أبرز ما تحقق للمنطقة في أيام الإسلام الأولى هو تحريرها من المحتل الفارسي وعودة الحكم لأهل الأرض العربية.
لقد كنت أقدّم باستمرار هذا الجانب من التاريخ لطلابي وطالباتي في جامعة أبو ظبي بالعين في كليات التربية والقانون، وكنت أشعر بالسعادة والرضا حين أرى تجاوب الطلبة في الوعي بتاريخهم، وكانت أسئلتهم المتتالية تدفعني للمزيد من البحث والدراسة، حتى صدر هذا العمل الذي أعتبره وفاء للإمارات الحبيبة.