فلسفة التأويل
- الرقم التسلسلي: 978-9953-68-707-0
- سنة الإصدار: 2014
- السعر بالدولار: 12
من الأندلس، حيث عاش ذروة الصراع بين المسيحية والإسلام كما بين الاتجاهات المختلفة للمجتمع؛ سنة، شيعة، أشعرية ومعتزلة، فقهاء وفلاسفة ومتصوفة، غادر ابن عربي إلى المشرق، حيث وجد أن الخلافات قد مزقت وحدة دولة الخلافة، وحوَّلتها إلى دويلات متنازعة.
في ظل هذا الجو المُلَبّد بالصراع على جميع المستويات اجتماعياً وسياسياً ودينياً وفكرياً وحتى لغوياً، عاش ابن عربي وتشكلت نظرته إلى العالم والكون.
لقد واجهنا في هذا الكتاب فلسفة ابن عربي في جوانبها الوجودية والمعرفية، مفاهيمه الخاصة بماهية النص الديني ودوره الوجودي والمعرفي، ومفهوم اللغة بمستوياتها المتعددة، باعتبارها الوسيط الذي يتجلّى من خلاله النص. والمراتب المختلفة والمتعددة للوجود الإنساني، تخضع لهذا التصور. من هذا المنطلق يفرّق ابن عربي بين ظاهر الوجود وباطنه، ويرى ضرورة النفاذ من الظاهر الحسي المتعين إلى الباطن الروحي العميق في رحلة تأويلية لا يقوم بها إلا الإنسان، لأنه الكون الجامع الذي اجتمعت فيه حقائق الوجود وحقائق الألوهة في الوقت نفسه.
لا يقف مغزى دراسة التأويل عند حدود التراث بكل ما يمثله من قيمة، بل يمتد هذا المغزى إلى الواقع الراهن الذي نعيش فيه جميعاً؛ فالنص الديني، بكل ما يحمله من تراث تفسيري، واقع متعيّن في حياتنا اليومية، وفي ثقافتنا المعاصرة. ودراسة قضية التأويل يمكن أن تكشف لنا عن أصول كثير من المواقف التفسيرية التي تدافع عن موضوعية المفسر وتاريخيته التي تفترض تجاوز واقعه وهموم عصره وتبنّي موقف المعاصرين لظهور النص، فيَفهم النص كما فهموه في إطار معطيات اللغة التاريخية في عصر نزوله. وهذا ما يُوقعهم في تناقض منطقي من الوجهة الدينية الاعتقادية…
إن فهم الواقع بما فيه من تباين وتعارض هو الهدف والغاية من وراء العلم، فلا تكون دراسة التراث عكوفاً على الماضي واجتراراً لأمجاده؛ فالعلاقة بين الماضي والحاضر علاقة تواصل وجدل تستوجب قراءة الماضي لفهمه وتجاوزه لا لتقديسه.