ما بعد الإسلام السياسي.. قراءة في المشهد السياسي والثقافي للعالم العربي
ينطلق هذا الكتاب من قناعة أساسية، مفادها أن مرحلة الإسلام السياسي انطلقت في إيران عام 1979، بانتصار الثورة الشعبية التي أسقطت نظام الشاه، وأسست لنظام الجمهورية الإسلامية، كما يوضح -الكتاب- أن مرحلة الإسلام السياسي، بعد حقبة ما يسمى بالربيع العربي عام 2011م، هي في طريقها إلى الانتهاء؛ فالحديث عن مرحلة ما بعد الإسلام السياسي، لا يعني انتهاء الحركات الإسلامية؛ ذلك أن النزعات الإيديولوجية في العالم العربي، وإن كانت في طريقها إلى الضعف والتراجع، فإن البديل عنها سيكون هو الجماعات والتيارات الاجتماعية التي تتبنى مشروعات التنمية ودولة الإنسان، وما دون ذلك سيكون ضعيفاً على مستوى التعبئة والتأثير. ومن ثمة، فإن مرحلة ما بعد الإسلام السياسي هي في حاجة إلى عناوين كبرى للتعبئة والتأثير، نذكر منها:
1- التخفيف من الرؤية السياسية التي تستهدف الوصول إلى السلطة والدولة؛ فالجماعات السياسية سيبقى لها تأثير اجتماعي وسياسي وتنموي، هو ما سيسهم في تغيير آليات العمل الأمني والسياسي في الكثير من البلدان والدول؛
2- الاهتمام النوعي بخيار الدولة بصرف النظر عمن يحكم ويدير هذه الدولة؛ فالمطلوب في العالم العربي هو بناء دولة الإنسان التي تحترم وفق رؤية دستورية وقانونية كل التنوعات الثقافية والاجتماعية المتوفرة في الفضاء الاجتماعي، وهذا لن يصبح ممكناً إلا ببناء الدولة المدنية التي تحترم الإنسان في حقوقه ومكتسباته، وبالتالي يتم تفاعل جماعات الإسلام السياسي مع بناء الدولة المدنية التي تحترم القانون والدستور، وتعمل على صيانة المكاسب الحضارية لهذا المجتمع أو ذاك؛
3- الاهتمام بمشروعات البناء والتنمية وتجاوز مرحلة الهدم التي ترى نهايتها في الوصول إلى السلطة والدولة؛ فمرحلة ما بعد الإسلام السياسي تستهدف الإعلاء من البناء الذي يستهدف مشروعات التنمية الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والسياسية؛
تلك هي أهم ملامح ومعالم ما بعد الإسلام السياسي، وهي معالم تعمل على إنضاج الخيارات التنموية والحضارية في العالم العربي.