المرأة والألوهة المؤنثة
حاولت من خلال هذا البحث، أن أطرح العديد من التساؤلات؛ فكلمة «انقلاب» توحي بالتغيير الواعي والمخطط له مسبقاً، والذي يحوز أهدافاً، وتترتب عليه نتائج؛ فهل ما حدث كان فعلاً انقلابياً ذكورياً؟ بمعنى هل كان هناك نظام أمومي تسيطر فيه المرأة وتبسط هيمنتها على كل الأمور، بدءاً من الأرض كحاكمة، إلى السماء كإلهة عظمى؟ وهل كان هناك تلازم ما بين مكانة الأنثى المتميزة في الميثولوجيا، وبين مكانتها المتميزة في الواقع؟ وقد يكون السؤال الأهم حول كون هذا «الانقلاب» قد أدى إلى التمييز الطبقي الجنسي، وإلى قوننة الجنس بدءاً من الزواج الأحادي للمرأة، إلى مأسسة الدعارة، وإلى تغيّر الوظيفة الاجتماعية للمرأة، والاختباء خلف ذرائع بيولوجية أحياناً، ودينية أحياناً أخرى، لتغييب دور المرأة عن المشاركة الاجتماعية ومزاحمة الذكور في صناعة الحياة والمستقبل؟
«لماذا تحولت المرأة من إلهة في السماء ورئيسة القداسة على الأرض، لتكون الشيطان المتخفي بالجلد الناعم ليمنع الرجل من الخلود»؟
لقد حاولت أن أكون موضوعية في مواجهة هذا الإطلاق التاريخي لحتمية مسؤولية المرأة عن الخطيئة الأولى، والتي كَرَست على مدى قرون دونيتها وعبوديتها قرباناً لخلاص الإنسانية؛ وذلك في محاولة لفتح الباب على مصراعيه أمام دراسات أوسع لإعادة تأويل تاريخ المرأة لإنصافها والعمل على إعادتها إلى دائرة الفعل والتأثير وصنع القرار، انطلاقاً من الإيمان بشراكتها الرجل ونديتهما كسبيل حقيقي لتقدم الحضارة التي تكون فيها حياة الإنسان هي المقدس الأول والأعلى.